صورة ملونة ثلاثية الابعاد تكشف التشوهات الخلقية للجنين

فرصة نادرة تقدمها التقنية الجديدة في التصوير الصوتي بالأبعاد الثلاثة في عالم التصوير بالذبذبات ما فوق الصوتية لكل امرأة حامل وطفلها قبل أن يولد، لكنها في المقابل تفتح الباب واسعاً أمام خيارات صعبة لانها تظهر بدقة ووضوح مذهلين العاهات الخلقية ومشاكل الرحم وتقدم للأم صورة فوتوغرافية ملونة لطفلها القادم.
وهذه الصورة هي أكثر من لقطة عظيمة تود الحامل الاحتفاظ بها كتذكار. إنها في الواقع أهم أداة حديثة في علم الأجنة والتشخيص المبكر والعناية خلال مرحلة الحمل. فهي تكتشف العاهات الخلقية التي لا تظهر في وسائل التحليل الأخرى، كزرع البول وتحليل الدم والصورة الصوتية العادية "ذات البعدين"، خصوصاً وأن إجراءها لا يتم إلا في المرحلة الثالثة من الحمل، أي بعد أن تكون نتائج الفحوص الروتينية قد ظهرت.
وهذه الصورة بالنسبة للحامل ليست أكثر تعقيداً من الصورة الصوتية العادية، بل متشابهة لها تماماً من حيث وضع الكريم على بطن الحامل وتمرير الآلة الصوتية من دون ألم. ما يشكل الفرق هو جهاز كمبيوتر حديث يخلق صورة حية تمكن الأطباء من تمييز حجم الأصابع أو أي تشوه خلقي في اليدين أو الرجلين وفي نمو الدماغ أو شق الشفة العليا "Cleft Lip".
هذه المعلومات هي في الواقع كل ما يهم الأهل. ولا شك أن أقل مشكلة عند المولود الجديد قد تشكل صدمة كبيرة لهم إذ يتوقعون أن يكون المولود كاملاً.
صور ملونة تظهر مدى إمكانية رؤية الجنين قبل أن يرى النور
تروي إحدى الأمهات تجربتها القياسية التي لا تفارقها، عندما خرجت الممرضات بسرعة بطفلتها لحظة وضعها، من دون السماح لها برؤيتها. وكانت تصرخ: أين ابنتي؟ أريد رؤيتها، ما الأمر؟ لقد ولدت هذه الطفلة مع شق في الشفة العليا، أو ما يعرف أيضاً "بالشفة المشرومة"، وهي العاهة الخلقية الرابعة الأكثر شيوعاً في العالم، حيث تصيب واحداً من بين كل 700 جنين. وهي قابلة كلياً للشفاء ولا تشكل خطراً على حياة الطفل. الصعوبة تكمن في إرضاع الطفل في المرحلة الأولى. بعد اطلاعها على وجود آلة التصوير الثلاثية الأبعاد، تقول هذه الأم ( لو خضعت لها لعلمت ماذا ينتظرني واستعددت لذلك في غرفة الولادة).
حسنات هذه الصورة تغطي الجانبين السيئ والجيد. ففي حالة الأخبار السيئة، فإنها تتيح للأهل تحضير أنفسهم لتقبل الوضع، وإن تلقوا الأخبار الجيدة أسترخوا وأستراحوا واطمأنوا إلى صحة طفلهم العتيد. غير أنها ليست في متناول جميع النساء، ولا يوجد منها حالياً سوى 100 آلة، معظمها في المستشفيات الجامعية وفي المراكز التي تعالج حالات الحمل الخطرة.
إضافة إلى أن شركات التأمين لا تغطي كلفتها البالغة 500 دولار تقريباً في أميركا، إلا في الحالات التي يرتأي فيها الطبيب ضرورة إجرائها لأسباب طبية مقنعة.
غير أن بعض الأطباء الذين جربوا هذه التقنية الحديثة يتوقعون بها مستقبلاً عظيماً، سواء على صعيد اكتشاف العاهات الخلقية وعلاج الأجنة ما قبل الولادة، أو على صعيد معالجة مشاكل الرحم كالتليف.
ويعرب أحد رواد هذه التقنية عن اعتقاده بأن الأمر يطول كثيراً قبل أن تتمكن كل امرأة من إجراء الصورة الصوتية بالأبعاد الثلاثة.
الخيار الصعب
في المقابل، يتفق الأطباء على عدم التشجيع للإقبال على إجراء هذه الصورة بطريقة عشوائية، لأنها قد تكشف عن مضاعفات خطرة تضع الأهل أمام خيارات مفاجئة حيال مستقبل الجنين، بما فيها احتمالات الإجهاض.
أكثر أوجه الجدل التي تثيرها هذه التقنية، ربما كانت ردة فعل الأهل الحقيقية حيال معرفتهم بوجود تشوهات خلقية. هل سيعمد البعض إلى اتخاذ قرار الإجهاض حتى ولو كانت هذه التشوهات قابلة للتصحيح؟ هذا ما يخشى منه، وفي هذه الحال يقول الدكتور بريتوريوس( نخاف أن يتم القضاء على المواليد الأقل طبيعية).
وفي هذا الصدد تلمح الانتقادات إلى الإحصاءات الواردة في دراسة شملت 30 ألف إمرأة أجرين الصور الصوتية في الأسبوع الخامس من حملهن. وقد اختارت 23 أمرأة من 24، أظهرت الصور لديهن وجود عاهة شق الشفة العليا عند الجنين، الإجهاض.
في أي حال، فإن ما يزيد الأمور تعقيداً هو الواقع القائم والذي لا يسمح للأهل باتخاذ قرار الإجهاض، حتى عند اكتشاف وجود مشاكل تهدد حياة المولود القادم، فالقوانين تحظر إجراء الإجهاض في الفصل الثالث من الحمل، إضافة إلى أن معظم الأطباء يرفضون إجراءه بعد الأسبوع العشرين من الحمل.
في حين أن التشوهات التي يكشفها التصوير بالأبعاد الثلاثة لا تظهر أو أنه لا يبدأ تشخيصها إلا ما بين الأسبوع 22 و 36 من الحمل، وهي المرحلة التي يكون فيها الدماغ أو الشفاه قد تكونت بشكل كاف لظهور عاهات.
هذا الواقع يسبب حيرة للأطباء، الذين يملكون وسائل قليلة جداً في يدهم لتصحيح التشوهات عندما يتم اكتشافها.
لابد، في هذه الحالة، من إعطاء الأهل فرصة لعمل ما يرونه مناسباً حيال ما يشعرون به حول هذه التشوهات، خاصة عندما لا يكون للطب حيلة.
من الواضح أن هذه التقنية تحمل الأهل على أتخاذ مبادرات صعبة، وفي مثال حي على هذه الخيارات، ما أصر عليه أحد الأزواج عند معرفته أن الجنين يعاني من تشوه في الدماغ، وهو إكمال الحمل والعناية بالطفل حتى ولو كان له أمل ضئيل جداً بالحياة، رغم أن الطبيب أوضح لهما بشكل قاطع، بعد إجراء الصورة الثلاثية الأبعاد، أن هناك حالة التشوه الدماغي. Anencephaly، وأن الجنين سيموت لحظة انقطاع حبل السرة، كيف انتهت هذه التجربة؟ تقول الأم "لقد حملوا لي الطفلة لأودعها بعد أن ولدت ميتة، وقد وضعت الممرضات على رأسها قبعة بيضاء، وقد بدت طبيعية جداً. لكن زوجي بعد أن أخرجها من الغرفة ورفع القبعة عن رأسها وجد أنه محشو بالقطن، فلم يكن هناك دماغ أو فروة أو أية أنسجة وراء العينين". على رغم تجربتهما الأليمة، تقول هذه السيدة أنها تعتبر نفسها أفضل حالاً بفضل الصورة الصوتية الملونة. فقد أوضحت لنا ما يجري وما عانت منه عائلتها من دون أن تدري. فقبل ولادته فقدت أمها توأماً توفيا لحظة ولادتهما، وكانا يعانيان من نفس التشوه الدماغي الذي يبدو وراثياً.
وتختم "لم تشف أمي من صدمتها لأنها كانت غير مهيآة كلياً لهذا الحادث. أنا على الأقل كنت على علم بذلك، وأنا مسرورة بوجود هذه التقنية".
متى ينبغي إجراء الصورة الثلاثية الأبعاد؟
يوصي الطبيب النسائي بإجرائها بعد الشهر الثالث في الحالات التالية:
- إن كان لدى الحامل تاريخ عائلي شهد أمراضاً جينية وتشوهات خلقية في الدماع أو القلب أو الشفة ولم تكتشف بواسطة الصورة الصوتية العادية.
- إن واجهت مشاكل مماثلة كاتشوهات التي ذكرت في حمل سابق.
- إن أشارت الاختبارات الروتينية خلال الحمل، ومنها تحليل السائل الأميوني Amniocentesis، إلى بعض الشكوك.

ما شاء الله العلم يتقدم يوما بعد يوم
مشكور اخي فيصلاوي زعيم